صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ
الْخُطْبَةُ الأُولَى
الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمَرَ بِفِعْلِ الْخَيْرِ وَالإِحْسَانِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى جَلِيلِ
نِعَمِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، حَثَّ
عَلَى صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى
سَيِّدِنَا وَنبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ
اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:( وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ
فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ)([1]). وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:( فَبَشِّرْ عِبَادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ
فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)([2]).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنْ جَمَالِ
دِينِنَا، وَكَمَالِ شَرْعِنَا، أَنَّهُ أَمَرَ بِالْبِرِّ وَالإِحْسَانِ، وَحَثَّ
عَلَى صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ، وَوَعَدَ أَهْلَهَا بِالْمَثُوبَةِ وَالْغُفْرَانِ،
وَنَيْلِ الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)([3]). وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَدْخُلُ فِي كُلِّ خَيْرٍ تَفْعَلُهُ طَاعَةً
لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ إِحْسَانًا إِلَى خَلْقِهِ، وَهِيَ سِمَةٌ مِنْ سِمَاتِ الأَنْبِيَاءِ
وَالْمُرْسَلِينَ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي
الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)([4]). وَقَدْ أَرْشَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ r إِلَى بَذْلِ الْخَيْرِ، وَصُنْعِ
الْمَعْرُوفِ، فَقَالَ r :« مَنْ
كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ»([5]). أَيْ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامٌ زَائِدٌ عَنْ حَاجَتِهِ
فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ طَعَامَ لَهُ.
وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الَّذِينَ
يُعَامِلُونَ خَلْقَهُ بِالْقَوْلِ الْجَمِيلِ، وَيُقَابِلُونَهُمْ بِالْفِعْلِ
النَّبِيلِ، فَقَالَ جَلَّ وَعَلاَ:( وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)([6]).
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ صَنَائِعَ الْمَعْرُوفِ كَثِيرَةٌ، فَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ مَعْرُوفٌ،
وَكَفُّ الأَذَى عَنِ النَّاسِ مَعْرُوفٌ، وَبَذْلُ شَتَّى أَنْوَاعِ الْخَيْرِ إِلَى الآخَرِينَ مَعْرُوفٌ، قَالَ نَبِيُّنَا الْكَرِيمُ r فِي بَيَانِ بَعْضِ صُوَرِهِ :« لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ
الْمَعْرُوفِ شَيْئًا... وَلَوْ أَنْ تُنَحِّيَ الشَّيْءَ مِنْ طَرِيقِ النَّاسِ
يُؤْذِيهِمْ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْطَلِقٌ، وَلَوْ
أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنْ تُؤْنِسَ الْوَحْشَانَ
فِي الْأَرْضِ»([7]). والْوَحْشَانُ
هُوَ الَّذِي يَشْعُرُ بِالْوَحْشَةِ فَتُؤْنِسُهُ بِالْقَوْلِ الْجَمِيلِ.
وَالسَّعْيُ فِي قَضَاءِ
حَوَائِجِ النَّاسِ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَقَدْ رُوِيَ
أَنَّ شَابًّا كَانَ يَتَرَدَّدُ عَلَى عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَيَقُوْمُ بِحَوَائِجِهِ، وَيَسْمَعُ مِنْهُ الْحَدِيثَ،
فَقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ مَرَّةً، فَلَمْ يَرَ الشَّابَّ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ
لَهُ: إِنَّهُ مَحْبُوْسٌ عَلَى عَشْرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ. فَذهَبَ ابْنُ الْمُبَارَكِ
إِلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ، وَوَزَنَ لَهُ عَشْرَةَ آلاَفٍ، وَحَلَّفَهُ أَلاَّ
يُخْبِرَ أَحَداً مَا عَاشَ، فَأُخْرِجَ الشَّابُّ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ:
يَا فَتَى أَيْنَ كُنْتَ؟ لَمْ أَرَكَ? قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ
كُنْتُ مَحْبُوْساً بِدَيْنٍ. قَالَ: وَكَيْفَ خَلَصْتَ? قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ
فَقَضَى دَيْنِي، وَلَمْ أَدرِ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: فَاحْمَدِ اللَّهَ. وَلَمْ يَعْرِفِ
الشَّابُّ مَنْ دَفَعَ الدَّيْنَ عَنْهُ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْمُبَارَكِ([8]).
أَيُّهَا المُصَلُّونَ: إِنَّ لِصَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ
آدَابًا تَجْدُرُ مُرَاعَاتُهَا، لِكَيْ يَفُوزَ صَاحِبُهَا بِحُسْنِ عَوَاقِبِهَا،
وَجَمِيلِ ثِمَارِهَا، فَمِنْهَا: احْتِسَابُ الأَجْرِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَلا
يَنْتَظِرُ صَاحِبُ الْمَعْرُوفِ مُقَابِلاً مِنَ النَّاسِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَلا
مُكَافَأَةً عَلَى مَعْرُوفِهِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي وَصْفِ عِبَادِهِ
الأَبْرَارِ:(
وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ
لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)([9]). وقَالَ الشَّاعِرُ:
ازْرَعْ جَمِيلاً وَلَوْ
فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَلَنْ
يَضِيعَ جَمِيلٌ أَيْنَمَا زُرِعَا
فَأَبْشِرْ يَا صَانِعَ
الْمَعْرُوفِ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ سَيَجْزِيكَ الْجَزَاءَ الأَوْفَى بِأَفْضَلِ مَثُوبَةٍ، وَأَحْسَنِ
عَطَاءٍ، قَالَ تَعَالَى:( لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)([10]). وَبَذْلُ الْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبَارِكُ
فِيهِ، وَيَقْبَلُهُ وَيُنَمِّيهِ، يَقُولُ النَّبِيُّ r:« يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ،
لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ»([11]). أَيْ: حَافِرَ شَاةٍ، وَالْمُرَادُ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا قَلِيلاً فَهُوَ
خَيْرٌ مِنَ الْعَدَمِ([12]).
وَقَدْ تَكَفَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِإِثَابَةِ مَنْ بَذَلَ مَعْرُوفًا
وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، وَوَعَدَ عَلَيْهِ بِمُضَاعَفَةِ الأَجْرِ وَالثَّوَابِ، فَقَالَ
تَعَالَى:( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ
تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً)([13]).
أَيُّهَا
الْمُصَلُّونَ: إِنَّ لِصَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ ثَمَرَاتٍ كَثِيرَةً، فَهِيَ تَشْرَحُ
الصُّدُورَ، وَتَزِيدُ فِي الأُجُورِ، وَتَصْرِفُ البَلاءَ، وَهِيَ سَبَبٌ
لِنَيْلِ مَغْفِرَةِ اللهِ تَعَالَى وَرِضْوَانِهِ، وَالفَوْزِ بِنَعِيمِهِ
وَجِنَانِهِ، يَقُولُ النَّبِيُّ r:« أُتِيَ اللَّهُ بِعَبْدٍ
مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي
الدُّنْيَا؟ قَالَ: يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ، فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ،
وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ، فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ-أَيِ الْغَنِيِّ-
وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ، أَيْ أُمْهِلُهُ، فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَلِكَ
مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي»([14]).
فَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ فِي مُجْتَمَعِهِ نَاشِرًا
لِلْخَيْرِ، صَانِعًا لِلْمَعْرُوفِ، فَإِنَّهُ بِذَلِكَ يُؤَلِّفُ بَيْنَ الْقُلُوبِ،
وَيَنَالُ مَرْضَاةَ عَلاَّمِ الْغُيُوبِ، وَسَيَجِدُهُ فِي صَحِيفَتِهِ مَكْتُوبًا،
وَفِي سِجِلِّهِ مَحْفُوظًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:( فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ)([15]) وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:( فَمَن يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراًّ
يَرَهُ)([16]).
وَفِي صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ حِفْظٌ لِلأَوْلاَدِ
وَالذُّرِّيَّةِ، وَوِقَايَةٌ لَهُ وَلَهُمْ مِنَ السُّوءِ وَالْفِتَنِ، فَقَدْ قَيَّضَ
اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ
السَّلاَمُ وَالْخَضِرَ لِخِدْمَةِ غُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ، فَبَنَيَا لَهُمَا الْجِدَارَ
لِيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا، وَذَلِكَ لِصَلاَحِ أَبِيهِمَا، قَالَ تَعَالَى:( وَكَانَ
أَبُوهُمَا صَالِحاً)([17]). وَلاَ يُعْرَفُ صَلاَحُ
الْمَرْءِ حَتَّى يَكْثُرَ مَعْرُوفُهُ.
فَاللُهَمَّ أَعِنَّا عَلَى صَنَائِعِ
الْمَعْرُوفِ وَالإِحْسَانِ، وَاجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرَاتِ يَا رَحْمَنُ،
وَوَفِّقْنَا جَمِيعًا لِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا
بِطَاعَتِهِ, عَمَلاً بِقَوْلِكَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)([18]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ
نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ،
فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ
الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ
شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ،
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى
التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ
وَالنَّجْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَثَّ عَلَى السَّبْقِ فِي صُنْعِ الْمَعْرُوفِ، فَقَالَ
تَعَالَى:( فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ)([19]).
وَأَكَّدَ عَلَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ r بِقَوْلِهِ:« كُلُّ
مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ»([20]).
وَمِنْ صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ الَّتِي يَحْتَاجُهَا
النَّاسُ الْيَوْمَ إِظْهَارُ الدِّينِ فِي سَمَاحَتِهِ وَنَقَائِهِ كَمَا أَرَادَ
اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ r فَأَجْمَلُ مَعْرُوفٍ يُقَدِّمُهُ الإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ وَدِينِهِ
وَوَطَنِهِ أَنْ يُظْهِرَ جَانِبَ الْمَعْرُوفِ فِي هَدْيِ
شَرِيعَتِنَا السَّمْحَاءِ، وَمِنْ أَنْوَاعِ الْمَعْرُوفِ التَّعَامُلُ مَعَ النَّاسِ بِالأَخْلاَقِ الْعَالِيَةِ
وَالْمُعَامَلَةِ الرَّاقِيَةِ، فَالْمُوَظَّفُ الَّذِي يُحْسِنُ إِلَى النَّاسِ وَهُوَ
يُؤَدِّي عَمَلَهُ فَقَدْ قَدَّمَ الْمَعْرُوفَ لِنَفْسِهِ
وَمُجْتَمَعِهِ وَوَطَنِهِ، وَمَنْ زَارَ مَرِيضًا وَوَاسَاهُ، أَوْ تَبَرَّعَ بِدَمٍ،
أَوْ تَطَوَّعَ بِعَمَلِهِ، أَوْ أَدَّى عَنْ فَقِيرٍ حَاجَتَهُ، أَوْ قَضَى عَنْ
مَدْيُونٍ دَيْنَهُ، أَوْ كَفَّ الأَذَى عَنْ أُسْرَتِهِ أَوْ عَنْ مُجْتَمَعِهِ فَقَدْ
سَاهَمَ فِي الْمَعْرُوفِ، وَمَنْ تَبَرَّعَ بِمَا يَسْتَطِيعُ لِبِنَاءِ
مَسْجِدٍ، أَوْ كَفَالَةِ يَتِيمٍ، أَوْ رِعَايَةِ أُسْرَةٍ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
هَذَا وَصَلُّوا
وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ
تَعَالَى:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)([21])
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا
عَشْراً»([22])
وَقَالَ r:« لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ»([23]).
اللَّهُمَّ صَلِّ
وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ:
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابِةِ
الأَكْرَمِينَ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَنِ
التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِلإِحْسَانِ إِلَى خَلْقِكِ، وَبَذْلِ الْمَعْرُوفِ لِعِبَادِكِ،
وَاجْعَلْنَا
مِنَ الْمُحْسِنِينَ الفَائِزِينَ بِجِوَارِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ
لاَ تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ،
وَلاَ دَيْنًا إِلاَّ قَضَيْتَهُ، وَلاَ مَرِيضًا إِلاَّ شَفَيْتَهُ، وَلاَ
مَيِّتًا إِلاَّ رَحِمْتَهُ، وَلاَ حَاجَةً إِلاَّ قَضَيْتَهَا وَيَسَّرْتَهَا يَا
رَبَّ الْعَالَمِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ
حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ
إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ،
وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ،
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ لَنَا وَلِوَالدينَا، وَلِمَنْ لَهُ
حَقٌّ عَلَيْنَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ
اغفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، وَأَدْخِلِ
اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا
وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا
الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا،
وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ
لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ
فِيهِ اسْمُكَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ
جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ
تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلاَ تَدَعْ فِيْنَا وَلاَ مَعَنَا شَقِيًّا وَلاَ
مَحْرُوْمًا.
اللَّهُمَّ
احْفَظْ بلادنا
وبلاد المسلمين أجمعين مِنَ الْفِتَنِ مَا
ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَدِمْ عَلَيْهَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ يَا رَبَّ
الْعَالَمِينَ([24]).
اللَّهُمَّ
اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلاَ تَجْعَلْنَا
مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ
أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.
عِبَادَ اللَّهِ: ( إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)([25])
اذْكُرُوا
اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ( وَأَقِمِ
الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ
اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)([26])
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق